لم تكن القمة المنتظرة بين الجيش والرجاء سوى مرآة تعكس حال كرتنا المهزوز تقنيا وماديا، ولن نكذب على أنفسنا إن نحن أكدنا أن المباراة لم تحمل من القمة إلا الإسم، بل حتى الفريقين لعب بإسمهما، فلا الجيش قدم المباراة المنتظرة والمستوى الذي ينفض عنه غبار الشك في الآونة الأخيرة، ولا الرجاء إستطاع أن يكرس أن أساطير النسور لا تموت ولا تُقص أجنحتها·
لقد أخذت هذه المباراة قسطا كبيرا قبل تأجيلها وبعد تحديد موعد إجرائها، وأسهبنا في الحديث كثيرا عن هذه القمة الموعودة، الجيش هو المتصدر والرجاء المطارد المباشر وذلك سبب آخر أحالنا أننا سنتابع طبقا مغريا بالمجمع الأميري وسيدفعنا لرمي جانبا الأمسية الأوروبية الأخرى المتعلقة بـ >الشامبيون زليغ<، لكن الظاهر أن الجمهور صُدم وهو يتابع مباراة لم ترق إلى المستوى المنشود ولا تليق باسم الفريقين، تحسر هذا الجمهور سواء داخل الملعب أو على الشاشة الصغيرة للصورة التي ظهر بها الجيش والرجاء، والأسلوب الذي لعبا به، ما كان لهذه القمة أن تأخذ ذات الطابع المغلق والأسلوب الرتيب وغياب الفرجة والعروض الجميلة لو كانت الشجاعة للمدربين للإنفتاح أكثر وترجيح كفة النزعة الهجومية، لقد آثر مديح وإيف شاي دخول متاهة الحرص الشديد والإحتياط وفي عرفهما >نقطة في اليد أفضل من ثلاث في الشجرة<، مع أن الكرة هي فن جميل وعروض وإثارة والمدرب الذي يخشى الهزائم ويتملكه الجبن ربما يخسر الرهان، والمدربان خسرا رهان المباراة وثقة كل من تابع اللقاء وحتى اللاعبين لم يجتهدوا لأن المفروض من اللاعب الناجح ألا يلعب في إطار تعليمات مدربه ويتقيد بطقوس الخطة، وما تابعناه من مستوى يؤكد أن عناصر الفريقين ظلت تركض يمينا وشمالا وطول وعرضا بلا طائل، وبالكاد كانت نصف الفرص تطلع بين الفينة والأخرى·· لقد إفتقدت المباراة لجماليتها رغم أنها تجمع أحد (أجود) الأندية الوطنية (إسما)، ومن سخرية القدر أن الفريقين يمثل لاعبوه السواد الأعظم للمنتخب المحلي، والمفروض أن هؤلاء المحليين أن يبرهنوا أن كرتنا في أفضل حال، وأن اللاعب المحلي أهل لحمل القميص الوطني واللعب على مستوى عال، ولربما كان الفريق العسكري أكبر خاسر فمن يلقي على نظرة على الزخم البشري سواء تلك التي ركضت فوق البساط الأخضر أو الوجوه التي كانت رهينة دكة الإحتياط سيتأسف على الطريقة التي لعب بها والمستوى الذي ظهر به هذا الفريق الذي يضم أفضل الأسماء، أما الرجاء فلعب وفق إمكانياته ووضعه خارج قلاعه وسلك الطريق السهل حتى لا يعود خاوي الوفاض مع أنه تسلح بالحرص الشديد حتى لا يقع في المحظور·
وزادت الأحداث التي أحاطت بالمباراة من قتامها وكأن الغبن والملل قد تحالفا على أمسية كروية فاشلة بامتياز، من انقطاع الإنارة التي توقفت بفعلها المباراة أكثر من عشر دقائق، إلى سوء التنظيم والفوضى العارمة في تحديد إتجاهات الجمهور والصورة البائسة لمنصة مهجورة بفعل التشققات والتصدعات التي طالتها بل حتى النقل التلفزي ساهم في رتابة المباراة وهو يمركز كاميراته صوب المنصة المهجورة بدل المدرجات التي إمتلأت بالجماهير·
القمة سيطالها النسيان ولن تخلد في ذاكرتنا على غرار نزالات الأمس القريب، لا عزاء على الجيش والرجاء إن هما ضيعا الفرصة، فرصة المصالحة مع الكرة الممتعة والزمن الجميل، حقا لقد ولى ذلك الزمن الذهبي وعهد المباريات المثيرة·· فالأسماء تحضر والمستوى يغيب·· إلى متى؟